فصل: مسير الموفق لحرب الزنج.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.بقية أخبار الزنج.

قدم تقدم لنا أن المعتمد بعث سعيد بن صالح الحاجب لحربهم فأوقع بهم ثم عاودوه فأوقعوا به وقتلوا من أصاحبه وأحرقوا عسكره ورجع إلى سامرا فعقد المعتمد على حربهم لجعفر بن منصور الخياط فقطع عنهم ميرة السفن ثم سار إليهم في البحر فهزموه إلى البحرين ثم بعث الخبيث علي بن أبان من قواده إلى أربل لقطع قنطرتها فلقي إبراهيم بن سيما منصرفا من فارس فأوقع بهم إبراهيم وخرج علي بن أبان وسار إبراهيم إلى نهر جي وأمر كاتبه شاهين بن بسطام باتباعه وجاء الخبر إلى علي ابن أبان باقبال شاهين فسار ولقيه وهزمه أشد من الأول وانصرف إلى جي وكان منصور بن جعفر الخياط منذ انهزم في البحر لم يعد لقتال الزنج واقتصر على حفر الخنادق وإصلاح السفن فزحف علي بن أبان لحصاره بالبصرة وضيق على أهل البلد وأشرف على دخولها وبعث لاحتشاد العرب فوافاه منهم خلق فدفعهم لقتال أهل البصرة وفرقهم على نواحيها فقاتلهم كذلك يومين ثم افتتحها علي بن أبان منتصف شوال وأفحش في القتل والتخريب ورجع ثم عاودهم ثانية وثالثة حتى طلبوا الأمان فأمنهم وأحضرهم في بعض دور الإمارة فقتلهم أجمعين وحرق علي ابن أبان الجامع ومواضع من البصرة واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل وعم النهب وأقام كذلك أياما ثم نادى بالأمان فلم يظهر أحد وانتهى الخبر إلى الخبيث فصرف علي بن أبان وولى عليها يحيى بن محمد البحراني.

.مسير المولد لحربهم.

لما دخل الزنج البصرة وخربوها وأمر المعتمد محمدا المعروف بالمولد بالمسير إلى البصرة وسار إلى الأبلة ثم نزل البصرة واجتمع إليه أهلها وأخرج الزنج عنها إلى نهر معقل ثم بعث الخبيث قائده يحيى بن محمد لحرب المولد فقاتله عشرة أيام ووطن المولد نفسه على المقام وبعث الخبيث إلى يحيى بن محمد أبا الليث الأصبهاني مددا وأمرهم بتبييت المولد فبيتوه وقاتلوه تلك الليلة والغد إلى المساء ثم هزموه وغنم الزنج عسكره واتبعه البحراني إلى الجامدة وأوقع بأهلها نهب تلك القرى أجمع وعاث فيها ورجع إلى نهر معقل.

.مقتل منصور الخياط.

كان الزنج لما فرغوا من البصرة سار علي بن أبان إلى جي وعلى الأهواز يومئذ منصور ابن جعفر الخياط قد ولاه عليها المعتمد بعد مواقعته الزنج بالبحرين فسار إلى الأهواز ونزل جي وسار علي بن أبان قائد الزنج لحربه وجاء أبو الليث الأصبهاني في البحر مددا له وتقدم إلى منصور من غير أمر علي فظفر منصور وقتل الكثير ممن معه وأفلت منهزما إلى الخبيث ثم تواقع علي بن أبان مع منصور فهزمه واتبعه الزنج فحمل عليهم وألقى نفسه في النهر ليعبر إليهم فغرق وقيل تقدم إليه بعض الزنج لما رآه فقتله في الماء ثم قتل أخوه خلف وغيره من العسكر وولى يارجوج على عمل منصور اصطيخور من قواد الأتراك.

.مسير الموفق لحرب الزنج.

كان أبو أحمد الموفق وهو أخو المعتمد بمكة وكان المعتمد قد استقدمه عندما اشتد أمر الزنج وعقد له على الكوفة والحرمين وطريق مكة واليمن ثم عقد له على بغداد والسواد وواسط وكور دجلة والبصرة والأهواز وأمره أن يعقد ليارجوج على البصرة وكور دجلة واليمامة والبحرين مكان سعيد بن صالح ولما انهزم سعيد بن سعيد بن صالح عقد يارجوج لمنصور بن جعفر مكانه على البصرة وكور دجلة والأهواز ثم قتله كما قلناه فعقد المعتمد لأخيه أبي أحمد الموفق على مصر وقنسرين والعواصم وخلع على مفلح وذلك في ربيع سنة ثمان وخمسين وسيرهما لحرب الزنج فساروا في عدة كاملة وخرج المعتمد يشيع أخاه وكان علي بن أبان بجي ويحيى بن محمد البحراني بنهر العباس والخبيث في قلة من الناس وأصحابه مترددون إلى البصرة لنقل ما نهبوه فلما نزل الموفق نهر معقل أجفل الزنج إلى صاحبهم مرتاعين فأمر علي بن أبان بالمسير إليهم ولقي مفلحا مقدمة الموفق فاقتتلوا وبينما هم يقتتلون إذ اصاب مفلحا سهم غرب فقتل وانهزم أصحابه وأسر الكثير منهم ثم رحل الموفق نحو الأبلة ليجمع العساكر ونزل نهر أبي الأسد ووقع الموتان في عسكره فرجع إلى بادرود وأقام لتجهيز الآلة وإزاحة العلل وإصلاح السفن ثم عاد إلى عسكر الخبيث فالتقوا واشتد الحرب بينهم على نهر أبي الخصيب وقتل جماعة من الزنج واستنقذ كثير من النساء المسبيات ورجع إلى عسكره ببادرود فوقع الحريق في عسكره ورحل إلى واسط وافترق أصحابه فرجع إلى سامرا واستخلف على واسط.